فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الخازن:

قوله عزّ وجلّ: {والشّمس وضحاها}
أي إذا بدا ضوءها والضّحى حين ترتفع الشّمس، ويصفو ضوءها، وقيل الضّحى النهار كله لأن الضحى هو نور الشمس، وهو حاصل في النهار كله، وقيل الضحى هو حر الشمس لأن حرها ونورها متلازمان، فإذا اشتد نورها قوى حرها وهذا أضعف الأقوال.
{والقمر إذا تلاها} أي تبعها وذلك في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس تلاها القمر في الإضاءة وخلفها في النور، وقيل تلاها في الاستدارة وذلك حين يكمل ضوءه، ويستدير وذلك في اللّيالي البيض، وقيل تلاها تبعها في الطلوع، وذلك في أول ليلة من الشّهر إذا غربت الشمس ظهر الهلال فكأنه تبعها.
{والنهار إذا جلاها} يعني جلا ظلمة الليل بضيائه وكشفها بنوره، وهو كناية عن غير مذكور لكونه معروفاً {والليل إذا يغشاها} أي يغشى الشمس حين تغيب فتظلم الآفاق وحاصل هذه الأقسام الأربعة ترجع إلى الشمس في الحقيقة.
لأن بوجودها يكون النهار ويشتد الضحى، وبغروبها يكون الليل ويتبعها القمر.
{والسماء وما بناها} أي ومن بناها، وقيل والذي بناها فعلى هذا كأنه أقسم به وبأعظم مخلوقاته، ومعنى {بناها} خلقها، وقيل ما بمعنى المصدر أي والسماء وبنائها {والأرض وما طحاها} أي بسطها وسطحها على الماء {ونفس وما سواها} أي عدل خلقها وسوى أعضاءها هذا إن أريد بالنّفس الجسد وإن أريد بها المعنى القائم بالجسد فيكون معنى {سواها} أعطاها القوى الكثيرة كالقوة الناطقة، والسامعة والباصرة، والمفكرة، والمخيلة وغير ذلك من العلم، والفهم، وقيل إنما نكرها لأنه أراد بها النّفس الشّريفة المكلفة التي تفهم عنه خطابه، وهي نفس جميع من خلق من الإنس والجن {فألهمها فجورها وتقواها} قال ابن عباس: بين لها الخير والشّر وعنه علمها الطّاعة والمعصية، وعنه عرفها ما تأتي وما تتقي، وقيل ألزمها فجورها، وتقواها، وقيل وجعل فيها ذلك بتوفيقه إيّاها للتّقوى، وخذلانه إياها للفجور، وذلك لأن الله تعالى خلق في المؤمن التّقوى، وفي الكافر الفجور.
(م) عن أبي الأسود الديلي قال: قال لي عمران بن حصين أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضى عليهم، ومضى عليهم من قدر قد سبق أو فيما يستقبلونه مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم وثبتت الحجة عليهم، فقلت بل شيء قضى عليهم ومضى عليهم، فقال أفلا يكون ظلماً قال ففزعت من ذلك فزعاً شديداً، وقلت كل شيء خلق الله وملك يده فلا يسأل عما يفعل، وهم يسألون فقال لي يرحمك الله إني لم أرد بما سألتك إلا لأختبر عقلك «إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه أشيء قضى عليهم، ومضى عليهم، من قدر قد سبق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم وثبتت الحجة عليهم فقال لا بل شيء قضى عليهم، ومضى فيهم، وتصديق ذلك في كتاب الله، ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها»
(م) عن جابر قال: «جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن فيم العمل اليوم فيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير أو فيما يستقبل قال: لا بل فيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير قال: ففيم العمل؟ فقال اعملوا فكل ميسر لما خلق له».
وهذه أقسام أقسم الله تعالى بـ: {الشمس وضحاها} وما بعدها لشرفها ومصالح العالم بها، وقيل فيه إضمار تقديره ورب الشمس وما بعدها.
وأورد على هذا القول أنه قد دخل في جملة هذا القسم قوله، {والسّماء وما بناها} وذلك هو الله تعالى، فيكون التقدير رب السماء، ورب من بناها، وهذا خطأ لا يجوز وأجيب عنه بأن ما إن فسرت بالمصدرية فلا إشكال وإن فسرت بمعنى من فيكون التقدير ورب السّماء الذي بناها.
{قد أفلح من زكاها} المعنى لقد أفلح من زكاها أي فازت وسعدت نفس زكاها الله أي أصلحها وطهرها من الذّنوب، ووفقها للطاعة.
{وقد خاب من دساها} أي خابت وخسرت نفس أضلها الله تعالى، وأفسدها، وأصله من دس الشّيء إذا أخفاه فكأنه سبحانه وتعالى أقسم بأشرف مخلوقاته على فلاح من طهره، وزكاه، وخسارة من خذله، وأضله حتى لا يظن أحد أنه يتولى تطهير نفسه، أو إهلاكها بالمعصية من غير قدر متقدم وقضاء سابق.
(م) عن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «اللّهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والبخل، والهرم وعذاب القبر، اللّهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها، ومولاها، اللّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها».
قوله: {كذبت ثمود} وهم قوم صالح عليه الصّلاة والسّلام {بطغواها} أي بطغيانها وعدوانها، والمعنى أن الطغيان حملهم على التكذيب حتى كذبوا {إذا انبعث أشقاها} أي قام وأسرع وذلك أنهم لما كذبوا بالعذاب، وكذبوا صالحاً انبعث أشقى القوم وهو قدار بن سالف، وكان رجلاً أشقر أزرق العين قصيراً فعقر الناقة (ق) عن عبد الله بن زمعة «أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وذكر الناقة، والذي عقرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا انبعث أشقاها} انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في أهله مثل أبي زمعة» لفظ البخاري قوله «عارم» أي شديد ممتنع.
قوله تعالى: {فقال لهم رسول الله} يعني صالحاً عليه الصّلاة والسّلام {ناقة الله} أي ذروا ناقة الله وإنما قال لهم ذلك لما عرف منهم أنهم قد عزموا على عقرها وإنما أضافها إلى الله تعالى لشرفها كبيت الله.
{وسقياها} أي وشربها ولا تتعرضوا للماء يوم شربها {فكذبوه} يعني صالحاً {فعقروها} يعني الناقة {فدمدم عليهم ربهم} أي فدمر عليهم ربهم وأهلكهم والدمدمة هلاك استئصال، وقيل دمدم أي أطبق عليهم العذاب طبقاً حتى لم ينفلت منهم أحد {بذنبهم} أي فعلنا ذلك بهم بسبب ذنبهم، وهو تكذيبهم صالحاً عليه الصّلاة والسّلام وعقرهم الناقة {فسواها} أي فسوى الدّمدمة عليهم جميعاً وعمهم بها، وقيل معناه فسوى بين الأمة وأنزل بصغيرهم، وكبيرهم، وغنيهم وفقيرهم العذاب، {ولا يخاف عقباها} أي لا يخاف الله تبعة من أحد في هلاكهم كذا قال ابن عباس: وقيل هو راجع إلى العاقر والمعنى لا يخاف العاقر عقبى ما قدم عليه من عقر الناقة، وقيل هو راجع إلى صالح عليه الصّلاة والسّلام والمعنى لا يخاف صالح عاقبة ما أنزل الله بهم من العذاب أن يؤذيه أحد بسبب ذلك والله أعلم. اهـ.

.قال النسفي:

سورة الشمس:
{والشمس وضحاها}
وضوئها إذا أشرقت وقام سلطانها {والقمر إِذَا تلاها} تبعها في الضياء والنور وذلك في النصف الأول من الشهر يخلف القمر الشمس في النور {والنهار إِذَا جلاها} جلى الشمس وأظهرها للرائين وذلك عند انتفاخ النهار وانبساطه، لأن الشمس تنجلي في ذلك الوقت تمام الانجلاء.
وقيل: الضمير للظلمة أو للدنيا أو للأرض وإن لم يجر لها ذكر كقوله: {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45] {واليل إِذَا يغشاها} يستر الشمس فتظلم الآفاق.
والواو الأولى في نحو هذا للقسم بالاتفاق، وكذا الثانية عند البعض.
وعند الخليل: الثانية للعطف لأن إدخال القسم على القسم قبل تمام الأول لا يجوز، ألا ترى أنك لو جعلت موضعها كلمة الفاء أو {ثم} لكان المعنى على حاله؟ وهما حرفاً عطف فكذا الواو.
ومن قال: إنها للقسم احتج بأنها لو كانت للعطف لكان عطفاً على عاملين، لأن قوله: {واليل} مثلاً مجرور بواو القسم و{إِذَا يغشى} منصوب بالفعل المقدر الذي هو أقسم فلو جعلت الواو في {والنهار إِذَا تجلى} للعطف لكان النهار معطوفاً على الليل جراً، و{إِذَا تجلى} معطوفاً على {إِذَا يغشى} نصباً فصار كقولك: إن في الدار زيداً أو في الحجرة عمراً.
وأجيب بأن واو القسم تنزل منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها العاملة نصباً وجراً، وصارت كعامل واحد له عملان، وكل عامل له عملان يجوز أن يعطف على معموليه بعاطف واحد بالاتفاق نحو: ضرب زيد عمراً وبكر خالداً، فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما، فكذا هنا.
و{ما} مصدرية في {والسماء وَمَا بناها والأرض وَمَا طحاها وَنَفْسٍ وَمَا سواها} أي وبنائها وطحوها أي بسطها وتسوية خلقها في أحسن صورة عند البعض وليس بالوجه لقوله: {فَأَلْهَمَهَا} لما فيه من فساد النظم، والوجه أن تكون موصولة وإنما أوثرت على (من) لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل: والسماء، والقادر العظيم الذي بناها، ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها.
وإنما نكرت النفس لأنه أراد نفساً خاصة من بين النفوس وهي نفس آدم كأنه قال: وواحدة من النفوس، أو أراد كل نفس، والتنكير للتكثير كما في {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [الانفطار: 5] {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} فأعلمها طاعتها ومعصيتها أفهمها أن أحدهما حسن والآخر قبيح {قَدْ أَفْلَحَ} جواب القسم والتقدير: لقد أفلح، قال الزجاج: صار طول الكلام عوضاً عن اللام.
وقيل: الجواب محذوف وهو الأظهر تقديره ليدمدمن الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً، وأما {قَدْ أَفْلَحَ} فكلام تابع لقوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} على سبيل الاستطراد وليس من جواب القسم في شيء {مَن زكاها} طهرها الله وأصلحها وجعلها زاكية {وَقَدْ خَابَ مَن دساها} أغواها الله، قال عكرمة: أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس أغواها الله.
ويجوز أن تكون التدسية والتطهير فعل العبد، والتدسية: النقص والإخفاء بالفجور وأصل دسّى دسس، والياء بدل من السين المكررة.
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بطغواها} بطغيانها إذ الحامل لهم على التكذيب طغيانهم {إِذِ انبعث} حين قام بعقر الناقة {أشقاها} أشقى ثمود قدار بن سالف وكان أشقر أزرق قصيراً.
و{إذ} منصوب بـ: {كَذَّبَتْ} أو بالطغوى {فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله} صالح عليه السلام {نَاقَةُ الله} نصب على التحذير أي احذروا عقرها {وسقياها} كقولك: الأسد الأسد {فَكَذَّبُوهُ} فيما حذرهم منه من نزول العذاب إن فعلوا {فَعَقَرُوهَا} أي الناقة أسند الفعل إليهم وإن كان العاقر واحدًا لقوله: {فَنَادَوْاْ صاحبهم فتعاطى فَعَقَرَ} [القمر: 29].
لرضاهم به {فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ} أهلكهم هلاك استئصال {بِذَنبِهِمْ} بسبب ذنبهم وهو تكذيبهم الرسول وعقرهم الناقة {فسواها} فسوى الدمدمة عليهم لم يفلت منها صغيرهم ولا كبيرهم {وَلاَ يَخَافُ عقباها} ولا يخاف الله عاقبة هذه الفعلة أي فعل ذلك غير خائف أن تلحقه تبعة من أحد كما يخاف من يعاقب من الملوك، لأنه فعل في ملكه وملكه {لاَّ يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ} [الأنبياء: 23]، {فَلاَ يَخَافُ} مدني وشامي. اهـ.

.قال ابن جزي:

سورة الشمس:
{والشمس وضحاها}
الضحى ارتفاع الضوء وكماله، والضحاء بالفتح والمد بعد ذلك إلى الزوال، وقيل: الضحى النهار كله، والأول هو المعروف في اللغة {والقمر إِذَا تلاها} أي تبعها وفي اتباعه لها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يتبعها في كثرة الضوء، لأنه أضوء الكواكب بعد الشمس، ولاسيما ليلة البدر. والآخر: أنه يتبعها في طلوعه لأنه يطلع بعد غروبها، وذلك في النصف الأول من الشهر والضمير الفاعل للنهار، لأن الشمس تنجلي بالنهار فكأنه هو الذي جلاها، وقيل: الضمير الفاعل لله، وقيل: الضمير المفعول للظلمة أو الأرض أو الدنيا، وهذا كله بعيد لأنه لم يتقدم ما يعود الضمير عليه {والليل إِذَا يغشاها} أي يغطيها وضمير المفعول للشمس وضمير الفاعل لليل على الأصح {والسماء وَمَا بناها} قيل: إن ما في قوله: {وما بناها} {وما طحاها} {وما سواها} موصولة بمعنى من والمراد الله تعالى، وقيل: إنها مصدرية كأنه قال: والسماء وبنيانها، وضعف الزمخشري ذلك بقوله: {فألهمها} فإن المراد الله باتفاق، وهذا القول يؤدي إلى فساد النظم، وضعّف بعضهم كونها موصولة بتقديم ذكر المخلوقات على الخالق..
فإن قيل: لم عدل عن من إلى قوله: {ما} في قول من جعلها موصولة؟
فالجواب: أنه فعل ذلك لإرادة الوصفية كأنه قال والقادر الذي بناها {طحاها} أي مدها {وَنَفْسٍ وَمَا سواها} تسوية النفس إكمال عقلها وفهمها،.
فإن قيل: لم نكّر النفس؟ فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنه أراد الجنس كقوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] والآخر أنه أراد نفس آدم والأول هو المختار {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} أي عرّفها طريق الفجور والتقوى، وجعل لها قوة يصح معها اكتساب أحد الأمرين، ويحتمل أن تكون الواو بمعنى أو، كقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} [الإنسان: 3] {قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها} هذا جواب القسم عند الجمهور.
وقال الزمخشري: الجواب محذوف تقديره: ليدمدمَنّ الله على أهل مكة لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما دَمْدم على قوم ثمود لتكذيبهم صالحاً عليه الصلاة والسلام، قال: وأما {قد أفلح} فكلام تابع لقوله: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتقواها} على سبيل الاستطراد، وهذا بعيد، والفاعل بـ: {زكاها} ضمير يعود على من، والمعنى: قد أفلح من زكى نفسه أي طهّرها من الذنوب والعيوب، وقيل: الفاعل ضمير الله تعالى، والأول أظهر، {وَقَدْ خَابَ مَن دساها} أي حقرها بالكفر والمعاصي، وأصله دسس بمعنى: أخفى فكأنه أخفى نفسه لما حقرها، وأبدل من السين الأخيرة حرف علة كقولهم: قصيّت أظفاري وأصله قصَصْتُ {بطغواها} هو مصدر بمعنى الطغيان قلبت فيه الياء واواً على لغة من يقول: طغيت، والباء الخافضة كقولك كتبت بالقلم أو سببية، والمعنى بسبب طغيانها وقال ابن عباس: معناه ثمود بعذابها ويؤيده قوله: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} [الحاقة: 5] {إِذِ انبعث أشقاها} العامل في {إذ} {كذبت} أو طغوها ومعنى {انبعث}: خرج لعقر الناقة بسرعة ونشاط، و{أشقاها}: هو الذي عقر الناقة وهو أحيمر ثمود واسمه قدار بن سالف، ويحتمل أن يكون {أشقاها} واقعاً على جماعة، لأن أفعل التي للتفضيل إذا أظفته يستوي فيه الواحد والجمع والأول أظهر وأشهر.
{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله} يعني صالحاً عليه السلام {نَاقَةَ الله وسقياها} منصوب بفعل مضمر تقديره احفظوا ناقة الله، أو احذروا ناقة الله وسقياها، شربها من الماء {فَعَقَرُوهَا} نسب العقر إلى جماعة لأنهم اتفقوا عليه وباشره واحد منهم {فَدَمْدَمَ} عبارة عن إنزال العذاب بهم وفيه تهويل {فسواها} أي بسبب ذنبهم وهو التكذيب أو عقر الناقة {فسواها} قال ابن عطية: معناه فسوّى القبيلة في الهلاك لم يفلت أحد منهم وقال الزمخشري: الضمير للدمدمة أي سواها بينهم {وَلاَ يَخَافُ عقباها} ضمير الفاعل لله تعالى والضمير في {عقباها} للدمدمة والتسوية وهو الهلاك: أي لا يخاف عقابة إهلاكهم، ولا دَرْكَ عليه في ذلك كما يخاف الملوك من عاقبة أعمالهم، وفي ذلك احتقار لهم وقيل: إن ضمير الفاعل لصالح وهذا بعيد وقرأ {أشقاها} {فلا يخاف} بالفاء وبالواو وقيل: في القراءة بالواو الفاعل {أشقاها}. والجملة في موضع الحال أي انبعث ولم يخف عقبى فعلته وهذا بعيد. اهـ.